يف الصداع النصفي (Migraine) مصدر الكلمة من اللغة اليونانية من الكلمة (Hemicrania) وتعني، بالترجمة الحرفية: نصف الجمجمة. الاسم مستمد من احدى مميزات الصداع النصفي، اذ ان الصداع النصفي عادة ما يصيب نصف الراس. وهو مرض مزمن يتجلى في حالات متكررة من الصداع، مصحوبا بظواهر جسدية ونفسية، ايضا. وهو مرض شائع لدى حوالي 12 ٪ من الاشخاص.
وصف نوبة الصداع: في المرحلة الاولى من النوبة، تظهر لدى نحو الثلث من المصابين اعراض مسبقة تستمر من ساعات حتى ايام قبل حصول النوبة. وتشمل هذه الاعراض: تغيرات مزاجية، التعب، صعوبة التركيز، الجوع او تصلب الرقبة.
تعريفات: يمكن تصنيف نوبات الصداع النصفي الى نوعين: الصداع النصفي من دون هالة، وهو النوع الاكثر شيوعا، حتى 66 ٪ من نوبات الصداع النصفي هي مع اورة (Aura) (وكانت تسمى في السابق: الشقيقة الكلاسيكية). وقد حددت الجمعية الدولية للصداع (International headache society) تعريف الصداع النصفي وفقا للمؤشرات التالية:
1. اصابة المريض بخمس نوبات نموذجية مميزة في حياته.
2. يستمر الصداع النصفي من 4 ساعات الى 72 ساعة.
3. تشمل خصائص الالم ميزتين اثنتين، على الاقل، من التالية: (ا) تمركز الالم في جانب واحد فقط (احادي الجانب)؛ (ب) يظهر الالم كانه نبض؛ (ج) يكون الالم معتدلا حتى حادا؛ (د) يتفاقم الالم عند ممارسة مجهود جسماني.
4. خلال النوبة، يعاني المريض من واحد، على الاقل، من العرضين التاليين: (ا) الغثيان، القيء او كليهما؛ (ب) الحساسية للضوء او للضوضاء.
5. لا تعزى النوبات الى مشكلة اخرى.
الصداع النصفي المصحوب بالاورة هو الصداع النصفي الذي تكون نوبتان منه، على الاقل، مصحوبة باورة مميزة للاضطرابات التالية: 1. خدر (انعدام الاحساس) او اضطراب في الكلام، سرعان ما يختفيان تماما؛ 2. اضطراب في جهة واحدة، او في كلتا الجهتين، من مجال الرؤية، يظهر على شكل ومضات، بريق، خطوط، بقع او انعدام الرؤية، ترافقه اضطرابات حسية في جانب واحد من الجسم، او من دونها؛ 3. واحد، على الاقل، من الظواهر التالية: (ا) عرض واحد (او اكثر) يظهر ويستمر طوال 5 دقائق، (ب) يستمر العرض لفترة تزيد عن 5 دقائق ولكن اقل من 60 دقيقة؛ 4. الصداع النصفي النموذجي يتطور خلال الاورة او في غضون 60 دقيقة من ظهورها.
الفحص العصبي الجسدي، وفحوصات اخرى، مثل فحوص الدم، فحص الدماغ بالتصوير المقطعي المحوسب (Computed Tomography – CT)، تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging - MRI)، او فحص مخطط كهربية الدماغ (EEG - Electroencephalogram) تبين وضعا سليما، عادة، وفي الغالب لا توجد حاجة الى اية فحوصات، على الاطلاق. يمكن تشخيص المرض استنادا الى وصف المريض – (تاريخ المرض - Anamnesis) وعلى اساس فحص عصبي طبيعي، سليم.
انتشار المرض: ينتشر الصداع النصفي بصورة كبيرة جدا بين سكان الدول الغربية وقد عانى 18 ٪ من النساء و 6 ٪ من الرجال، على الاقل، من الصداع النصفي مرة واحدة، على الاقل. 60% - 70% من الذين يعانون من الصداع النصفي من النساء. قبل سن البلوغ تبلغ نسبة انتشار الصداع النصفي نحو 4 ٪ ثم يزداد انتشارها، في مرحلة تالية، وخاصة بين الفتيات حتى سن 40 عاما. بعد سن 40 عاما، ومع التقدم في السن، يبدا انخفاض في الاصابة بالصداع النصفي. نسبة الانتشار الاعلى بين النساء هي في سن ما بين 25 و 55 عاما. الصداع النصفي لا يعرض حياة المرضى للخطر، لكنه يسبب ضررا كبيرا في جودة الحياة ومسارها الطبيعي، يسبب خسارة ايام عمل وخسائر مادية.
أعراض الصداع النصفي
اضطراب الرؤية احد اعراض الصداع النصفي الاكثر شيوعا
ضمن اعراض الصداع النصفي تظهر الاورة لدى الربع من المرضى: ضرر دماغي موضعي عابر يتجلى في اضطراب الرؤية (الاكثر شيوعا)، اضطراب الاحساس، انخفاض قوة الجسم، في الجهة اليمنى او اليسرى، اضطراب في التوازن او اضطراب في الكلام. وتظهر الاورة، عادة، قبل بداية ظهور الصداع، لكنها قد تظهر في بعض الاحيان، ايضا، خلال الصداع او بعده، وتستغرق اقل من ساعة. بسبب التشابه، يعتقد احيانا بانها سكتة دماغية، لكنها لا تنجم عن انسداد في وعاء دموي، ولا حتى عن توقف في تدفق الدم الى جزء معين من الدماغ. المرحلة التالية هي الصداع. يبدا الالم عادة في احد جانبي الراس، لكنه ينتقل في بعض الاحيان الى الجانب الاخر، ايضا، ثم تزداد حدته تدريجيا في غضون ساعات، ينبض ويؤثر على الاداء الوظيفي للشخص. وعادة ما يكون الصداع مصحوبا بالغثيان، وبالقيء في بعض الاحيان.
حساسية زائدة للمنبهات، مثل: الضوء، الضجيج والرائحة، ويفضل المريض الاستلقاء في الظلام والهدوء حتى انتهاء النوبة وزوالها. كما يمكن ان تكون النوبة مصحوبة بشعور بالتعب، العطش، فرط التبول، الشحوب، التعرق، الجوع او انعدام الشهية، احتقان الانف، الشعور بالبرودة او بالحرارة. واضافة الى ذلك، يمكن ان يحصل ايضا هبوط في القدرة على التركيز، شعور بالكابة، القلق والعصبية. المرحلة الاخيرة من نوبة الصداع النصفي (الشقيقة) هي مرحلة "الامتصاص"، اذ يبقى المريض منهكا، عصبيا او غير هادئ، قليل القدرة على التركيز، مع حساسية ملحوظة في فروة الراس. وبينما قد يشعر بعض المرضى بالاكتئاب (Depression) وعدم الراحة، يشعر اخرون منهم بالانتعاش والابتهاج بعد انتهاء النوبة.
الحفازات (Catalyst) الاكثر شيوعا لحصول النوبة هي: التوتر، التعب، كثرة النوم، الصيام، عدم انتظام الاكل في تخطي بعض الوجبات، تناول بعض المواد الفعالة في الاوعية الدموية (Vasoactive)، الكافيين، تناول المشروبات الكحولية، الطمث، التغيرات في الضغط الجوي (Barometric pressure) والتغيرات في الارتفاع الجغرافي. هنالك بعض الادوية التي يمكن ان تسرع حدوث النوبة، مثل: النترات (Nitrate)، الهرمونات الاستروجينية، الاندوميد (Indomed) او اليزيربين (Reserpine).
تحدث النوبات لدى المرضى الذين يعانون من الصداع النصفي بوتيرة تبلغ مرة واحدة في الشهر، تقريبا، لكن بعض المرضى يعانون من عدة نوبات في الاسبوع، وهنالك نوبات تستمر اكثر من 3 ايام دون انقطاع (status migrainosus).
0 تعليق